ألَا إنّي لِهذا الحُبِّ ساقي
ألَا أَدْرِكْ صَحيحي مِن نِفاقي
ألَا واشربْ كُؤوسي إنَّ فيها
مَتَى سُكِبَت
تَرى طَعْم العِنَاقي
تُراودني البَشائرُ أنَّ خِلِّي
يُزاحمني الوُصولَ إلى تَلاقي
وما تَرَ غَيرَ ظِلِّ القومِ هَادٍ
كَطِفلٍ شَارِدٍ بَطِرٍ وعَاقّي!
وَإنّي إذْ أبيتُ على فِراشي
وَجَنْبي قد تَمرَّد عَن لِحَاقي
وَعَيْني إنْ بدا للّيلِ خَيْطٌ
أتى صُبْحٌ وَآذَنَ بِالطَّلاقي
وَقَلبي مُتْلَفٌ تَعِبٌ هَجِيرٌ
يُسائِلني وَيُكثِر في خناقي
وَهَلْ يَنسى حَبيبٌ دَرْب حُبٍّ
إذا جمْع الأحبة في تَلاقي؟
ألَا شَيءٌ.. يُذَكِّرني بِأنِّي
كريمُ الجَدِّ مَرْمُوقُ الخَلاقِي
نَبيلٌ ليسَ يَذكرني ذَميمٌ
تَمَرَّغَ فِي ظَلامٍ أو نِفاقي
عزيزُ النَّفس عَن خِزي وَذُلٍّ
سَلِيلُ المَجدِ فِيهِ الطِّيبُ باقي
وَذا كَلِمٌ يُوَقِّرُ كُلَّ بِرٍّ
فَصِيحُ القَوْلِ فِي نَهْجٍ ورَاقي..
وَلِي إِلْفٌ.. يُداعِب كُلَّ ذِكرىً
وَيَطلَع فِي سَمائي كَالمُحاقي
وَيَنزِل فِي صَلِيدِ القَلب غَيْثا
وَيُجري ما تَبقَّى فِي المَآقي
إذا ما شَاءَ أَنْزلنا الثُّرَيَّا
وَمَهَّدْنا الثَّرى مِن كُلِّ رَاقي
وَأَكْتَبْنا عَلى الأوراق شِعْرا
يُوَلَّد مِن هُيَام وَاحْتِراقي
لهُ الأكوانُ.. والأكوانُ تَتْرَى
إلى ذاكَ الصَّفِيِّ لَفِي سِباقي..
ألَا فَاسْمَعْ حَديثي يا نَديمي
وَهَلْ تَفْنى المُروءَةُ فِي الفِراقي؟
سَتُكتَب في مُتون الفَنِّ حَرْفا
لِيَقرأه العُمُوم عَلى نِطاقي
وَتَبْقى في قَصِيِدِ الشِّعر بيتا
يُغَنَّى بِالشَّآم وَبِالعِراقي
ألَا إنّي لِهذا الحُبِّ سَاقي
وَهَلْ أَدْرَكتَ صِدْقِي مِن نِفاقي؟
أنا السَّاقي، وَلِلأيَّام أَمْرٌ
وَقَد دَارتْ لَياليَّ البَواقي
أنا السَّاقي، أنا الظَّمآنُ عِشْقًا
وَقَد أُشْرِبْتُ مِن كأسٍ دِهاقِي!
أنا السَّاقي.. وَقد أُشرِبتُ كأسا
وَكان شَرابُها مُرَّ المَذاقي
أنا السَّاقي وَالمَسْقِيُّ هَمًّا
وَقَد غُشِّيتُ مِن رَأسي لِسَاقي..
أَيَـا رَبِّي..
أَيَا رَبِّي.. وَخُذْ مِنّي زَمانا
إلى ذاك الشَّقِيِّ المُسْتَرَقِّي
وَأنْبِتْ في حَشا المَذكور نَارًا
لِيُسْرَجَ لَيلُهُ مِمّا أُلاقي
فلا سَقِمٌ سَيَبْرى دُونَ طِبٍّ
ولا كأسٌ سَتُسْقَى دُون ساقي
ولا كَلِمٌ.. سَيَشْفي وَجْدَ قلبٍ
إذا ما عاش مَكْدُورًا.. يُلاقي..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق