تبحثُ عن المترادفات عندما تكتب شِعراً كيما يظلّ الشّعر جميلاً ليحمل المعنى نفسه، لكن.. باختلاف الأحرف وتراتيب الكلمات وأشكالها. فالمترادفات إذن، يطمسنَ الجمال الحقيقيّ! ونحن هكذا، نريد لأنفسنا أن تكون جميلةً، لكن دونما تغيير، فقط بالبَحْث عن المترادفات التي ستؤدّي نفس الغرض!
الصّورة التي كانت جميلة عند التقاطها ستبقى كذلك، حتّى وإن وضعتَ لها إطاراً رخيصَ الثّمن، لكنّ العكس غير صحيح أبداً.. فمَكنونُ الشّيء دائما هو الأهمّ والمقصود.
لا يمكن لنفس أن تتجوهر في إطار جميل دون أن يمرّ عليها الزّمن بتجاربه وخبراته، هل يصحّ في لغة المنطق.. أن يجلس طفلٌ ذو أربعة عشر عاما في مجلسِ حُكْمٍ يقضي بفصْل النّزاع بين القبائل مثلاً، دون أن يُفَقَّه في الدّين والتّاريخ والأعراف وقضايا النّاس؟! لا؛ فحديثو الفكر يجهلون الكثير.
فالبَحْثُ عن المترادفات لتأطير الأحداث.. حتّى نعيش لحظتنا لنبهر الآخرين، سيكون مآله عقيماً في نهاية المطاف، وسيظهر عُقْم الفكر من العلم والخبرة ومجارات الأحداث بعد تتابُع الأفكار وتبادُل أطراف الحديث. أي أنّه، إن أردتَ نَيْل شهادةٍ في الهندسة مثلاً.. فعليك أن تمرّ بعدّة اختبارات لذلك، وليس أن تجلس في مجلسٍ يعجّ بالمهندسين الجهابذة!
وأخلاقُنا أيضاً، لا تصير جميلةً، إن لم تُؤطَّر بالعلم والخبرة، فيجب أن يمرّ عليها علم الأوّلين وتجارب الآخرين، حتّى تصير حَسَنَةً، فإن بحثت عن مترادفات لذلك؛ ملابس جميلة، مال، تَصَنُّع اللحظة، تقويل ما لم يُقَل، إلخ، فكلّ ذلك مع الوقت، سيتّضح للآخرين.. كم حجم المترادفات التي وضعتها لنفسك!
المترادفات لغةً: ما كان يحمل نفس المعنى، أو يكافئه، باختلاف الكلمات. فمهما حاول أن يجد لنفسه ستاراً يقيه هذه اللحظة، فلن يجد، مهما بحث عن مترادفات ما تقيه سوء اللحظة التّالية!
تعلَّم، وعلِّم، واعْلم أنّ عقول النّاس موزونة، فالجهل بيّن، وكما قال سُقراط الحكيم: "تكلَّم حتّى أراك".
كم تعلم من هذا وذاك، هذا وَزْنُك بين هذا وذاك، هذه هي المعادلة التي اقتضتها الحياة، فلن تغنيك أموالك في مجالس الفكر والعلم عنك شيئا، بل ستنزلك منزلاً.. كصخرةٍ حَطّت من عَلٍ.. وتضعك أرضاً، حيثُ حجم عقلك الفعليّ يحيا هناك. هكذا قال سُقراط، وهكذا سأقول، وهكذا سأعلّم أبنائي: تكلّم وأَبِنْ، حتّى أرى عقلك فأراكَ أنت.
وإنّ الإله الأعظم، سيسألنا عمّا علِمنا وعلَّمنا هنا، وسيزِنُنا عمّا علَّمنا، لا عمّا علِمنا فقط. تعلّم الدّين، وتعلّم علم الدّنيا أيضا، فهما طريقتان معقودتان بعقدة واحدة، لن تنفصلان مهما حاولت.
لا تبحث عن التَّرادُف لحياتك، فهو يمنحك أن تعيش لحظةً لا عمراً، لكن ابحث عن تمام الكَلِم والمعنى. هناك حقّاً.. ترسو المُتْعة الحقيقّة!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق